زاكورة…كنز الجنوب
اسم زاكورة مشتق من جبل «تازكورت» الذي تحتمي بظله، و«أزكور» في اللهجة المحلية تعني الكنز. إنها الواحة، والمدينة، والقرية والكتاب المفتوح الذي خص صفحات منه للحكايات وأخرى للأساطير. وما بين الحكاية والأسطورة دروب جغرافية وتاريخية طويلة افترشتها القصبات في قلب الصحراء عبر وادي درعة ومنطقة الواحة مرورًا بخَزَانة تمْكروت والعرق اليهودي وهو بحر الرمال الخادع. تختزن زاكورة مفاجآت لعشاق التيه في الصحاري الذين يمكنهم الإبحار في رمال الصحراء الشرقية الممتدة إلى ما لا نهاية ليعيشوا لحظات عذبة من صمت الطبيعة وجبروتها. زاكورة مدينة الحرية. مدينة ذات طابع خاص، احتفظت بأصالتها وطابعها الهندسي، رغم رياح التحديث التي هبت عليها من جميع الجهات، خصوصا مع التوافد الكبير للسياح الذين يأتون إليها من مختلف أصقاع المعمورتعد زاكورة أحد الأقاليم السبعة التي تتشكل منها جهة سوس ماسة درعة، هذه الجهة الممتدة بين المحيط الأطلسي غربا ودولة الجزائر شرقا، وإذا كانت مدينة أكادير هي بوابة هذه الجهة، فإن زاكورة هي حزام الأمان بين الشقيقتين الجزائر والمغرب
وبفضل هذا الموقع المتميز، ببوابة الصحراء وبمؤهلاتها الطبيعية الساحرة ومناظرها الطبيعية التي تجمع بين التفرد والجمال، وطيبوبة أهلها وقصورها وقصباتها وواحاتها وتلالها وكتبانها الرملية الساحرة، وماضيها العريق الضارب في أعماق التاريخ، ظلت زاكورة منذ قرون منطقة جذابة تعلق بها أهلها وأحبوها حدّ الافتتان مصرين على التعلق بها رغم صعوبة الظروف المناخية وقساوة الطبيعة الصحراوية
جبالٌ ووديان، سيلٌ يحمل الطمي وشمس تجاهد السحبَ الداكناتِ، بدو رحل بعد أن ينتهي الشتاء يبدؤون في الاحتفاءِ بالربيع والخروج من أجواء البرد لتتحرك قبلهم وبعدهم قطعان الغنم وقوافل الإبل
فالبيوت الطينية تمتص درجة الحرارة التي تتجاوز 45 درجة مئوية، كما أن هواءها النقي يطهر ما علق في رئتي الزائر من دخان سيارات المدن الكبرى، ويعتق جسده وعقله من ضغط الحياة الحضرية القاسية، ويمنحهما لحظة تحرر لا مثيل لهاعشاق السياحة الصحراوية يتدفقون على زاكورة طيلة السنة بما فيها فصل الصيف، إنها واحة على وادي درعة الذي يعد أطول نهر في المغرب رغم جريانه غير المنتظم
وعكس ما قد يتبادر إلى ذهن الناس من احتمال أن تكون زاكورة، بالنظر إلى مناخها الصحراوي، خالية من النبات إلا من النخيل وغيره من الأشجار المعروفة بقدرتها على تحمل الظروف المناخية مهما بلغت قساوتها، فإن الغطاء النباتي لهذه المنطقة متنوع رغم غلبة الطابع الصحراوي على مكوناته
كما أن ارتفاع درجة الحرارة، التي يعتبرها البعض مبررا منطقيا لعدم المغامرة بزيارة زاكورة في فصل الصيف، يعد نقطة قوتها لدى غالبية السياح الراغبين في اكتشاف المدن الصحراوية مناخا وعاداتا وأنماط عيشيقف زائر المدينة عن قرب على خصائص عمران المدينة المشكل أساسا مما يسميه سكان المنطقة «القصور»، التي تبنى بطريقة تقليدية اعتمادا على الطين، زيادة على الاطلاع على نظام العلاقات الاجتماعية السائدة داخل الواحات
وتتخذ كثبان الرمال لحظة شروق الشمس ووقت غروبها حلة لا يقاوم سحرها، حيث يصعب التمييز بين الكثبان الرملية وأشعة شمس خافتة تبدو كأنها تأبى أن تودع المنطقة لولا ليل يستمد سطوته من نظام الزمنفزاكورة ذات قدرة كبيرة على جعل زوارها، بمن فيهم الشمس، يألفون جوها بعد أن يفتنوا بواحاتها ويُسحروا بغنى الغطاء النباتي لنواحيها وتنوع تضاريسها. فرغم أن مورفولوجيتها صحراوية بالأساس، فإنها تتيح للوافد عليها فرصة زيارة مدن أخرى كأكدز وتاكونيتيذكر التاريخ أن هذه المنطقة كانت مهد الأسرة السعدية التي حكمت المغرب في القرن السادس عشر، وامتد نفوذها حتى تومبوكتو في مالي، ولازالت اللوحة المنتصبة قبيل وادي درعة تذكر الزوار: «تومبوكتو: 52 يوما». فقد عاشت هذه المدينة عبر القرون الخوالي محطة مهمة في طريق القوافل التجارية بين مراكش وتومبوكتو