السنة النبوية سفينة النجاة وبر الأمان ، حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بها وعدم التفريط فيها فقال :
( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا
عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ
كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أبو داود (4607) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وحين يكثر الشر والفساد ، وتظهر البدع والفتن ، يكون أجر التمسك بالسنة أعظم ، ومنزلة أصحاب السنة أعلى وأكرم ، فإنهم يعيشون غربة بما يحملون من نور وسط ذلك الظلام ، وبسبب ما يسعون من إصلاح ما أفسد الناس .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ،
وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَن
هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ
النَّاسُ ) أخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"
(1/25) من حديث ابن مسعود ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1273)
وأصل الحديث في صحيح مسلم (145)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ
الصَّبْر ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ
فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ، -
وَزَادَنِي غَيْرُهُ - قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ
مِنْهُمْ ؟! قَالَ : أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ )
رواه أبو داود (4341) والترمذي (3058) وقال : حديث حسن ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (494) وفي بعض روايات الحديث قال : ( هم الذين يحيون سنتي ويعلمونها الناس ) .
والتمسك بالسنة يعني أمورا :
1- القيام بالواجبات واجتناب المحرمات .
2- اجتناب البدع العملية والاعتقادية .
3- الحرص على تطبيق السنن والمستحبات بحسب قدرته واستطاعته .
4- دعوة الناس إلى الخير ومحاولة إصلاح ما أمكن .
جاء في محاضرة للشيخ ابن جبرين حول حقيقة الالتزام (ص/10) :
" لا شك أن السنة
النبوية مدونة وموجودة وقريبة وسهلة التناول لمن طلبها ، فما علينا إلا أن
نبحث عنها ، فإذا عرفنا سنة من السنن عملنا بها حتى يَصْدُق علينا قول (
فلان ملتزم ) ، ولا ننظر إلى من يُخَذّل أو من يحقر أو من يستهزئ ونحو ذلك
.
والسنن قد تكون من الواجبات ، وقد تكون من الكماليات أو من المستحبات
، وقد تكون من الآداب والأخلاق ، فعلى المسلم أن يعمل بكل سنة يستطيعها ،
وذلك احتساباً للأجر وطلباً للثواب .
فالملتزم هو الذي كلما سمع حديثاً فإنه يسارع في تطبيقه ، ويحرص كل الحرص على العمل به ولو كان من المكملات أو من النوافل .
فتراه
مثلاً يسابق إلى المساجد ويسوؤه إذا سبقه غيره ، وتراه يسابق إلى كثرة
القراءة وكثرة الذكر أكثر من غيره ، وتراه يكثر من أنواع العبادات ، ويحرص كل الحرص أن تكون جميع أعماله وعباداته متبعاً فيها السنة ، وليس فيها شيء من البدع ،
حتى تكون تلك الأعمال والعبادات مقبولة عند الله ؛ لأنه متى قبل العمل فاز
المسلم برضوان ربه ، نسأل الله أن تكون أعمالنا مقبولة عنده إنه سميع مجيب
" انتهى .
ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في "المنتقى" (2/سؤال رقم/270) :
" يجب عليك الالتزام بسنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، والمحافظة عليها ، وألا تلتف إلى عذل من يعذلك أو يلومك
في هذا ، خصوصًا إذا كانت هذه السنن من الواجبات التي يجب التمسك بها ، لا
في المستحبات ، وإذا لم يصل الأمر إلى التشدد ، أما إذا كان الأمر بلغ بك
إلى حد التشدد فلا ينبغي لك ، ولكن ينبغي الاعتدال والتوسط في تطبيق السنن
والعمل بها من غير غلو وتشدد ، ومن غير تساهل ولا تفريط ، هذا هو الذي
ينبغي عليك ؛ وعلى كل حال أنت مثاب إن شاء الله ، وعليك بالتمسك بسنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
منـــــقول